خطبة الجمعة : حق الرحم ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 21 أبريل 2023 م بعنوان : حق الرحم ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 1 شوال 1444هـ ، الموافق 21 أبريل 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 أبريل 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حق الرحم.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 أبريل 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حق الرحم ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 أبريل 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حق الرحم ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 21 أبريل 2023 م بعنوان : حق الرحم ، للدكتور محروس حفظي :
(1) الأمر بصلة الأرحام .
(2) ثمرات صلة الأرحام في الدنيا والآخرة .
(3) جريمة قطيعة الأرحام .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 21 أبريل 2023 م بعنوان : حق الرحم ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
خطبة بعنوان: «حق الرحم»
بتاريخ 1 شوال 1444 هـ = الموافق 21 أبريل 2023 م
الحمد لله حمداً يوافي نعمه، ويكافىء مزيده، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما بعد ،،،
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
(1) الأمر بصلة الأرحام .
إن صلة الرحم من أوجب الواجبات، وأعظم القربات، ومن أجلِّ العبادات والأعمال الصالحات قال ربنا:﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾، وصلةُ الرحمِ من أحبِ الأعمالِ إلى الله تعالى بعدَ الإيمان عَنْ رَجُلٍ مِنْ خَثْعَمَ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: «ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِمِ» (أبو يعلى) .
لقد جعل صلة الرحم الله من صفات أهل الجنة فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ بل علامة من علامات كمال الإيمان، وخَصلة من خصال أهل الورع والإحسان قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت» (البخاري) .
إن قطيعة الرحم محرمة ولو كان الموصول مشركاً فعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ:«قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ» (متفق عليه) .
وصلة الرحم تكون كما قال ابن أبي جمرة: “تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء، والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا لا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى” (فتح الباري 10/ 418) .
إن وجود الأقارب والأرحام نعمة تستوجب الشكر لله سبحانه، فهم – أحياناً – يكونون للعبد عوناً ونصرة وقوة ومنعة يقول العلماء: “ما بعث أنبياء الله في أواسط البيوت من أقوامهم إلا لما يقدر الناس من أمر الرحم، ويعرفون من شأن القرابة” قال ربنا: ﴿قُل لاَّ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ﴾، وحينما قلت عشيرة نبي الله لوط عليه السلام وضعف ركن قرابته أعذر نفسه بقوله: ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ اوِى إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، وقال أصحاب الأيكة لشعيب عليه السلام: ﴿وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَـٰكَ﴾ .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
(2) ثمرات صلة الأرحام في الدنيا والآخرة .
أولاً: من وصل رحِمَه، وصله الله تعالى برحمته وبعطفه وإحسانه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ ” ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾»(متفق عليه).
ثانياً: البركة في الرزق والعُمُر: عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» (متفق عليه) .
يقول الإمام النووي عند شرح هذا الحديث: (وبسط الرِّزْقِ تَوْسِيعُهُ وَكَثْرَتُهُ، وَقِيلَ الْبَرَكَةُ فِيهِ، وَأَمَّا التَّأْخِيرُ فِي الْأَجَلِ فالْآجَال وَالْأَرْزَاق مُقَدَّرَة لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ، ثم يوضح المراد من هذا:
– أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِالْبَرَكَةِ فِي عُمْرِهِ وَالتَّوْفِيقِ لِلطَّاعَاتِ وَعِمَارَةِ أَوْقَاتِهِ بِمَا يَنْفَعَهُ فِي الْآخِرَةِ وَصِيَانَتِهَا عَنِ الضَّيَاعِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ .
– أو أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَظْهَرُ لِلْمَلَائِكَةِ وَفِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَظْهَرُ لَهُمْ فِي اللَّوْحِ أَنَّ عُمْرُهُ سِتُّونَ سَنَةً إِلَّا أَنْ يَصِلَ رَحِمَهُ فَإِنْ وَصَلَهَا زِيدَ لَهُ أَرْبَعُونَ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ مَا سَيَقَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ .
– أو أَنَّ الْمُرَادَ بَقَاءُ ذِكْرِهِ الْجَمِيلَ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ) أ.ه. (شرح النووي على صحيح مسلم16/ 114) .
ثالثاً: من أعظم الأسباب الموجبة لدخول الجنان، والوقاية من النيران: عن عبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثًا، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ، لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ، عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ، أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» (ابن ماجه)، ولعِظَمِ مكانة صلة الرحم كانت أفضل الصدقات الصدقةَ على ذوي الرحم والقربى، فعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» (النسائي) .
رابعاً: توجب محبة الأهل، وتنشر الرحمة، وتبث المودة بين الجميع: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .
خامساً: الواصل مستور غير مفضوح، مجبور غير مكسور: رسولنا صلى الله عليه وسلم في بدايةِ دعوتِه قالت السيدةُ خديجة – رضي الله عنها- حينَ جَاءَهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ: “كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ” (البخاري) .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
(3) جريمة قطيعة الأرحام .
إذا كانت صلة الرحم لها هذه المكانة في الدين وهذا الشأن العظيم، فإن القطيعة أمرها خطير، وشرها مستطير، ونذير شؤم على صاحبها؛ وهي من أعظم الذنوب على الإطلاق، وأبغض الأعمال إلى الله، سئل صلى الله عليه وسلم: «أَيُّ الأَعْمَالِ أَبْغَضُ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: ثُمَّ الأَمْرُ بِالمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنِ المَعْرُوفِ» (أبو يعلى)، بل توجب لمرتكبها والمصر عليها ما يلي:
– الطرد من رحمة الله سبحانه: قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾، وقال: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ وعن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ» (متفق عليه) .
– وحسب قاطع الرحم بلاءً وشقاءً وحرمانًا ألَّا يُرفَع له عملٌ ، أتحب – أخي الحبيب – أن تعمل وتجتهد في الخير، ثم في النهاية لا يُقبل عملك؟! قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَشِيَّةَ كُلِّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يَقْبَلُ عَمَلَ قَاطِعِ رَحِمٍ» (أحمد) .
– تُعجَّل لقاطع الرحم العقوبة في الدنيا: فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، مِنَ الْبَغْيِ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» (الترمذي وصححه)، وقال ربنا: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ .
وقد يقول قائل: إن لي قرابة أودهم وأصلهم وأُحسن إليهم، وأتصدق عليهم ومع ذلك لا أجد منهم الجفاء والغلظة والسوء، فليعلم المسلم أن الناس في باب صلة الرحم ثلاثة: واصل، ومكافئ، وقاطع، فالواصل هو الذي يتفضل ولا يُتفضَّل عليه، والمكافئ هو الذي لا يزيد في الإعطاء على ما يأخذه، والقاطع الذي لا يُتفضَّل عليه ولا يتفضل، وصدق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قَالَ: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا» (البخاري)، وأقول لك ما قاله سيدنا صلى الله عليه وسلم لرجل جاء إليه شاكياً: «إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ» (مسلم) .
وقد ذكر أهل العلم لهذا الحديث ثلاث معان:
الأول: كَأَنَّمَا تُطْعِمُهُمُ الرَّمَادَ الْحَارَّ وَهُوَ تَشْبِيهٌ لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الْأَلَمِ بِمَا يَلْحَقُ آكِلِ الرَّمَادَ الْحَارَّ مِنَ الْأَلَمِ وَلَا شئ عَلَى هَذَا الْمُحْسِنِ بَلْ يَنَالُهُمُ الْإِثْمُ الْعَظِيمُ فِي قَطِيعَتِهِ وَإِدْخَالِهِمُ الْأَذَى عَلَيْهِ .
الثاني: إِنَّكَ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ تُخْزِيهِمْ وَتُحَقِّرُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ لِكَثْرَةِ إِحْسَانِكَ وَقَبِيحِ فِعْلِهِمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالْحَقَارَةِ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ كَمَنْ يُسَفُّ الْمَلُّ .
الثالث: وَقِيلَ ذَلِكَ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ مِنْ إِحْسَانِكَ كَالْمَلِّ يُحَرِّقُ أَحْشَاءَهُمْ” أ.ه . (شرح النووي 16/ 115) .
أيها الأخوة الأفاضل: علينا جميعاً ألا تلهنا دنيانا عن السؤال عن أرحامنا، والتواصل معهم ولو هاتفياً، وعلينا أن نقبل اعتذارهم، ونصفح عن عثراتهم، وقد ضرب لنا يوسف -عليه السلام- أروع الأمثلة بالعفو عن إخوانه الذين جفوه وعادوه قال الله تعالى على لسانه عليه السلام: ﴿لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، ولنتذكر قول ربنا في محكم التنزيل: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ .
اللهم إنا نسألك أن تحفظ ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها مردنا، وأن تجعل هذا الشهر الكريم شاهداً لنا لا علينا، وأن تجعل بلدنا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائر بلاد العالمين، وأن توفق ولاة أُمورنا لما فيه نفع البلاد والعباد .
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر بأسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف